المسألة الخامسة [في اللطف]
  وعن الهادي #، وروي فيه حديث معاذ: «إن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا: يا معاذ هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟» قال: الله ورسوله أعلم، قال: «أن لا يعذبهم» رواه البخاري ومسلم، مع أنه قد ذكر أن ذلك يحتمل المجاز.
  قلت: ولا وجه للعدول عن الظاهر، واعلم أن لقائل أن يقول: إن الأدلة التي مرت وإن لم تقتض وجوب الألطاف أو بعضها من تلك الوجوه التي ذكروها، فلنا دليل آخر وهو أن الله قد وعدنا بها، قال تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ١٢}[الليل] وهذا عام، وقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}[مريم: ٧٦] ولا شك في قبح خلف الوعد، ولا معنى للوجوب إلا قبح الإخلال به، وأما إطلاق الوجوب فلا وجه لمنعه مع ما تقدم من الإطلاقات السمعية، ولا معنى لتأويلهم ذلك بالمجاز إذ ت في الحمد لا يرفع الإيهام، ولا أظن إلا أن المتأولين من المائلين إلى الإرجاء أو الجبر الذين يجوزون على الله خلف الوعد وفعل القبيح أو من اغتر بكلامهم من غيرهم ممن يمنعوا إطلاق الوجوب ولم ينتبه لهذا - أعني أنه لا يرفع الإيهام وأن تحته دسيسة الجبر والإرجاء - والله الموفق.
تنبيه [في كيفية وجوب اللطف على الله]
  ظاهر كلام من أوجب اللطف على الله تعالى أنه يجب أن يكون على أبلغ الوجوه، وقد ناقشهم القرشي وأجاب عن تلك المناقشة،