مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة تكليف ما لا يطاق]

صفحة 1514 - الجزء 3

المسألة الرابعة [في مسألة تكليف ما لا يطاق]

  هذه الآية الكريمة مما استدل به على جواز تكليف ما لا يطاق، وكذلك ما أشبهها، كقوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٧}⁣[يس] وقوله: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ١}⁣[المسد] ومحل النزاع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

  القسم الأول: المستحيل لذاته، كالجمع بين الضدين والنقيضين، وإعدام القديم والحصول في آن واحد في حيزين.

  القسم الثاني: ما يمكن تعلق قدرة المكلف به، ولكن علم الله أنه لا يقع. كتكليف الكافر والعاصي بالإيمان والطاعة.

  القسم الثالث: مالا يستحيل لذاته ولا أمكن تعلق قدرة المكلف به، بل امتنع تعلق القدرة به، إما لذاتها كخلق الأجسام، أو عادةً، وإن أمكن تصوره كالطيران، أو لِطُرُوَّ مانع كتكليف الأعمى بنقط المصحف، والزمن بالمشي.

  إذا عرفت هذا فالعدلية جميعاً، وحكاه في شرح الغاية عن الغزالي، وابن الحاجب، والشافعي، يمنعون من تكليف ما لا يطاق، ويحكمون بقبحه مطلقاً. قالوا: وتكليف من علم الله عدم إيمانه ليس مما لا يطاق، لما سيأتي. وجمهور الأشاعرة يجوزونه مطلقاً، وعدوا منه القسم الثاني، ومنعه الآمدي في الممتنع لذاته، وجوزه في غيره.