مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [عدم الاغترار بالمظاهر]

صفحة 1725 - الجزء 3

  قلت: وفيه نظر؛ لأنه يلزم منه أنه لو حصل التصديق بالله على الوجه الصحيح وباليوم الآخر على وجهه أن يكونوا مؤمنين، وإن كذبوا الرسل، وخالفوا شرائع الإسلام، وليس كذلك؛ والصحيح أنه نفى عنهم الإيمان الشرعي⁣(⁣١).

المسألة الخامسة [عدم الاغترار بالمظاهر]

  دلت الآية مع ما بعدها من أوصاف المنافقين من الخداع لله والمؤمنين، والاستهزاء بالدين، على أنه لا يغتر بظاهر أحوال الناس، وأنه لا ينبغي الاعتماد عليهم في شيء مما لا يعتمد فيه إلا على المؤمنين، إلا بعد تحقق إيمانهم، وسلامة أحوالهم؛ فيستنبط من ذلك عدم قبول رواية المجهول، والمنع من الاعتماد عليها في شيء من معالم الدين؛ وفي المسألة تفصيل وخلاف، وتحقيقها يحتاج إلى بسط، وبيان أقسام المجهولين، والمتفق على رده أو قبوله، والمختلف فيه من تلك الأقسام؛ فنقول: المجهولون منقسمون إلى خمسة أقسام:

  أحدها: أن يكون المجهول مجهولاً ظاهراً وباطناً، فهذا لا يقبل لانتفاء تحقق العدالة وظنها، وادعى ابن السبكي الإجماع على ذلك. وفي عبارة ابن الصلاح، والنووي، والعراقي ما يدل على أن في قبوله خلافاً؛ لأنهم نسبوا عدم القبول إلى الجمهور. وفي التقريب وشرحه للسيوطي ما لفظه: مجهول العدالة ظاهراً وباطناً مع كونه معروف العين


(١) وهو الإتيان بالواجب، واجتناب المحرم، والتصديق بكل شيء يجب التصديق به. تمت مؤلف.