المسألة الثانية [الجواب على شبهة التعلق بقول الله تعالى: {ذهب الله بنورهم}]
  لأنه لا يبصر شيئاً فيجب أن تكون الظلمة عبارة عن أن البصر لا يدرك شيئاً، فيكون أمراً عدمياً. وبأنه إذا كان إنسان قريباً من النار وآخر بعيداً عنها، فالبعيد يرى القريب ولا يكون الهواء المظلم مانعاً له، فلو كانت الظلمة أمراً ثبوتياً لم يفترق الحال بينهما في المنع، واعترضه الإمام عز الدين فقال: هذا لا يستقيم على قاعدة الأصحاب؛ لأن النور عندهم عرض باق، والباقي لا ينتفي إلا بضد، أو ما يجري مجراه، فلا بد أن تكون الظلمة أمراً ثبوتياً مضاداً له، وإلا لزم أنه إذا وجد في جسم أن لا ينتفي عنه؛ وقد علل ابن متويه رؤية البعيد من النار للقريب منها دون العكس بأن شعاع البعيد وجد مادة فرأى معها، بخلاف القريب فإن شعاعه ينفصل إلى الظلمة التي لا مادة فيها للشعاع فلا يرى من فيها. واحتج أبو حيان على أن الظلمة عرض بأنه قد تعلق بها الجعل بمعنى الخلق، والإعدام لا توصف بالخلق.
  قال: قد ردها بعضهم إلى الظلم، وهو المنع؛ لأنها تسد البصر وتمنع الرؤية.
المسألة الثانية [الجواب على شبهة التعلق بقول الله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}]
  قد يتعلق من ينسب إلى الله إضلال العباد وإغوائهم بقوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ١٧}[البقرة]؛ لأن الظاهر من ضرب المثل أن هؤلاء القوم قد كان لاحت لهم لوائح الهدى والإيمان، وأخذوا بها برهة من الزمان، ثم نزع الله ذلك منهم، وتركهم