المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]
  فعلم أن الله تعالى إنما كلفنا كونه مريداً؛ لأنه الذي قام عليه الدليل، وأما تعيين الإرادة فلم يكلفنا بها.
  قال: وقد ذهب إلى هذا شارح الأبيات الفخرية، وإليه رجع المؤلف # فيما نقل عنه - ويعني بالمؤلف الإمام القاسم بن محمد.
  قلت: وهذا هو المروي عن السلف، وأهل الحديث كما مرَّ عنهم من الإمساك عن القول في تفصيل الصفات، وقد تقدم في مواضع من كتابنا هذا عن أمير المؤمنين # ما يشهد لهذا المذهب. والله الموفق.
الموضع الرابع أن إرادة الباري تعالى لا تحتاج إلى محل عند القائل بأنها معني محدث
  فهؤلاء قالوا: إرادته تعالى لا في محل.
  وقالت الصفاتية(١): بل إرادته تعالى قائمة بذاته كعلمه، ولا يصح القول بوجودها لا في محل، وقيامها بذاته ليس على جهة الحلول، كما قالوا في سائر صفات الذات، بل كما يقال: الذات إنما تقوم بالصفة الذاتية، أي لا يصح العلم بها إلا لأجل صفتها الذاتية، فلو فرضنا عدم ثبوت الصفة الذاتية لم تُقَوَّمْ لنا الذات، أي لم يصح تعلق العلم بالذات، فتكون كالمنتفية. وهذه المعاني عندهم لا يتقوم وجودها والعلم بها إلا بذات الباري تعالى؛ إذ لو قدر انفرادها لم يصح وجودها والعلم بها، ومن ثَمَّ قالوا: إن هذه المعاني ليست إياه، أي ليست
(١) وهم الأشعرية وغيرهم. تمت مؤلف.