المسألة الحادية عشرة [دلالة الآية على مسألة أن الله عالم]
  ولنتكلم على المسألة في ثلاثة مواضع: الأول: في حقيقة العالم، الثاني: في كون الباري تعالى عالماً وذكر الخلاف في ذلك، الثالث: في الدليل على أنه عالم.
الموضع الأول: في حقيقة العالم
  قال القرشي هو المختص بصفة لكونه عليها لمكانها يصح منه الإحكام تحقيقاً أو تقديراً. وزاد غيره: إذا لم يكن ثُمَّ مانع ولا ما يجري مجراه فقوله: المختص بصفة جنس الحد، وقوله لمكانها يعني لاختصاصه بها، وقوله: يصح الإحكام أي يصح منه الفعل المحكم فصل يخرج غير المحدود. ومعنى الإحكام إيجاد فعل عقيب فعل أو مع فعل، على وجه لا يتأتى من كل قادر ابتداء. والمحكِم - بكسر الكاف - هو المرتب لذلك. والمحكم بالفتح هو الفعل المرتب.
  وقوله: أو تقديراً أراد به ما لا يكون مقدوراً كفعل الغير، أو يكون مقدوراً لكن لا يصح إحكامه كالفعل الواحد، فإنما هذا حاله يصح إحكامه تقديرا بمعنى أنه لو كان مقدوراً ومما يصح ترتيبه لأحكمناه. وقوله: ما لم يكن ثَمَّ مانع ... إلخ يعني بالمانع الضد، كأن يريد أحدنا الكتابة فيمسك الغيريده، فيفعل من الأكوان ضد ما يريد الكاتب فعله والذي يجري مجراه عدم الآلات كعدم القلم ونحوه.
  ويرد عليه أسئلة:
  أحدها: أن من حق الحد أن يعلم منه المحدود، والمعلوم أن نفاة الأحوال يعلمون العالم عالماً وإن لم يعلموا أنه مختص بصفة.