المسألة الخامسة [تكليف الملائكة]
  توقفوا في المبادر والمؤخر في أنه هل هو ممتثل أم لا، ونسبوا إلى خرق إجماع السلف، فإنهم كانوا قاطعين بأن المبادر مسارع في الامتثال، ومبالغ في الطاعة، قال: وأما المقتصدون فهم الذين قطعوا بامتثال المبادر، وتوقفوا في المؤخر هل هو ممتثل أم لا، ثم منهم من قال بتأثيمه، ومنهم من لم يقل به، ثم منهم من لم يؤثمه، ومنهم من توقف فيه، مع القطع بأنه امتثل أصل المطلوب. وفي كلامه تحقيق لموضع الخلاف غير ما سبق.
  تنبيه: الخلاف في المسألة إنما هو حيث ورد الأمر مطلقاً غير مقيد بفور ولا تراخ، فأما إذا ورد مقيداً بأيهما فإنه يجب حمله على حسب ما يقتضيه القيد، ولا نزاع في ذلك.
المسألة الخامسة [تكليف الملائكة]
  دلت الآية على أن الملائكة $ مكلفون، وكذلك الجن على القول بأن إبليس من الجن، والخلاف في ذلك مع الحشوية فقالوا: هم مضطرون لنا الآية، فإنه قد كلفهم السجود، وذم إبليس على الامتناع، ولو كانوا غير مكلفين لما استحقوا مدحاً ولا ذماً، وكم في القرآن الكريم من مدح الملائكة، وفيه أيضاً مدح صالحي الجن وذم عصاتهم، ثم إن معنى التكليف إما إلزام الشاق على قول، أو الإعلام بوجوب الواجبات وقبح القبحات على آخر وعلى أيهما فقد حصل معناه في الفريقين.