مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة: [في الأصلح]

صفحة 3576 - الجزء 6

المسألة الثالثة: [في الأصلح]

  قال الرازي: قوله تعالى: {وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ٤٧}⁣[البقرة] يدل على أنه لا يجب على الله رعاية الأصلح لا في الدنيا ولا في الدين؛ لأن هذا التفضيل عام لنعم الدنيا والدين، وذلك التفضيل إما أن يكون واجبًا، أو لا، إن كان الأول لم يجز الامتنان به عليهم؛ إذ لا منة لمن أدى الواجب، وإن كان الثاني فهو المطلوب، ويدل عليه أنه تعالى خصص بهذه النعمة بني إسرائيل دون غيرهم. هذا تلخيص كلامه، والجواب أنه قد تقدم له نحو هذا في الفاتحة، وقد تقدم الجواب عليه في العاشرة من مسائل قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}⁣[الفاتحة: ٢] وفي الخامسة من مسائل قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}⁣[الفاتحة: ١٧] وأن المراد بها اللطف، وذكرنا هنالك أنه لا وجه للكلام معه في ذلك، وفي المواقف وشرحه أن الخلاف في وجوب الواجب على الله تعالى وقبح القبيح منه يتفرع على قاعدة التحسين والتقبيح؛ لأنه لا حاكم بقبح القبيح منه جل وعلا وجوب الواجب عليه إلا العقل.

  إذا عرفت هذا فاعلم أن الكلام في الصالح والأصلح إنما هو للعدلية، والخلاف إنما وقع بينهم، واختلافهم في جهتين:

  الأولى: في وجوب الأصلح في باب الدين، وهذه الجهة قد تقدم الكلام عليها في الخامسة من مسائل قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}⁣[الفاتحة: ٧].

  الثانية: في وجوب المصالح الدنيوية، وهذه الجهة هي التي نتكلم فيها