مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة: [في الشفاعة]

صفحة 3695 - الجزء 6

  واعلم أنه روى في البدر الساري عن الإمام الناصر محمد بن علي أنه قال: لا يجب بالشفاعة أكثر من التصديق بها، وأما كيفية من يستحقها فأمر راجع إلى الله سبحانه، ونؤمن بها على الوجه الذي يريده سبحانه، والإيمان بالشفاعة قول باللسان واعتقاد بالجنان، وهي المراد بقوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ٧٩}⁣[الإسراء] وقوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ٥}⁣[الضحى] ونحن نؤمن بها ونصدق بما ورد فيها عن رسول الله ÷.

تنبيه [في المطلوب بالشفاعة]

  اختلف أئمة العدل في المطلوب بالشفاعة، فقال أئمتنا وجمهور المعتزلة: المطلوب بها أن يجعل لهم من الدرجات وزيادة النعيم فوق ما كانوا يستحقونه ثوابًا على أعمالهم، تفضلًا منه جل وعلا.

  وقال أبو الهذيل: بل المطلوب أن يعود الثواب الذي أسقطته المعصية. وردّ بما مر في الثانية من مسائل قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ ...}⁣[البقرة: ٣٧] الآية، من أنه يلزم أن يكون التائب من الكبيرة أحسن حالًا منه لو لم يرتكبها، إذ يكون له ثواب التوبة مع ثوابه الأول.

  قال القرشي: وله أن يقول: إن ثواب التوبة هو أن يعود بها وبالشفاعة ما سقط من ثوابه، فيكون كمن لا ذنب له، فيكون ذلك مطابقًا لما روي عن النبي ÷: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له».