مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [معنى النعمة]

صفحة 970 - الجزء 2

  لغير استحقاق، ولا اعتبار ولا عوض؛ إذ ليس بمنهي، وقد قدمنا إبطال مذهبهم، وقوله: وخلق الداعية، مبني على أن الداعية موجبة وقد أبطلنا ذلك قريباً، وأما قوله في القسم الثالث: إنه من الله لأنه الذي وفقنا للطاعة ففيه ركة لأن تعليله يشعر بأن الثواب وصل إلينا من جهة الغير وهو الطاعة، لكن لما كانت بتوفيق الله تعالى كان في الحقيقة منه كما في القسم الأول، وليس كذلك فإنه واصل إلينا من جهة الله تعالى جزاء على الطاعة، فتأمل.

فرع [استطراد في ذكر نعم الله تعالى]

  وأول نعمة أنعم الله بها على العبيد خلقه إياهم أحياء لينفعهم بذلك، أما اعتبار الخلق فإنه لو لم يخلقه لم يكن منعما عليه كسائر المعدومات، وأما اعتبار الحياة فلأن الشيء لا يكون نعمة إلا مع إمكان الانتفاع به ولا انتفاع بدون الحياة؛ إذ الجماد والميت لا يمكنه الانتفاع بشيء، وأما قولنا: لينفعه فلأنه لو خلقه لا لينفعه بل ليضره لم يكن منعما عليه كما في الكفار والفساق إذا أعادهم في الآخرة للنار فإنه لا يكون منعما عليهم؛ لأنه وإن خلقهم أحياء فلم يخلقهم لينفعهم بل ليضرهم، فلا بد من اعتبار هذه القيود الثلاثة عند أصحابنا.

  وأما المجبرة فلم يعتبروا القيد الثالث لتجويزهم أن يخلق الله لا لغرض وأن يخلق بعض المكلفين ليضرهم - تعالى الله عن ذلك.

  فإن قيل: حاصل دليلكم على أن الحياة نعمة أنها مصححة للانتفاع