تفسير سورة (المدثر)
  {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ٤٨} لأنه لا شفاعة لهم؛ لأن الشفاعة ليست إلا لأهل الجنة، زيادة في إكرامهم أو لمن استوت حسناتهم وسيئاتهم وما بقي له ما تدخله الجنة، كذا قيل والله أعلم.
  {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ٤٩} أي: فما بالهم عن التذكرة وهي المواعظ والعبر والتذكير {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ٥٠}: أي: كالحمر التي فزعت فهربت واستنفرت.
  {فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ٥١} أي: هربت من الأسد، وهذا تشبية بليغ وجعلهم كالحمير الهاربة، حيث إنهم عن التذكرة معرضين، وذلك ذم لهم ظاهر {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً ٥٢}: أي: كتباً منزلة منشورة من السماء وذلك أنهم قالوا: لن نؤمن لك حتى تأتي بكل واحد منا كتاباً من السماء عنوانه من رب العالمين إلى فلان ابن فلان، نؤمر فيها باتباعك نحو قوله: {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ}[الإسراء: ٩٣]، {كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ٥٤} كلا ردع عن هذه الإرادة، ورجوعهم عن اقتراح الآيات، {بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ ٥٣} لذلك أعرضوا عن التذكرة {كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ ٥٤} وهذا زجر وردع عن إعراضهم، وقال: إنها تذكرة، أي تذكرة بليغة {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ٥٥} أي: تذكره مخافة أو القرآن {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ٥٦} أي: ما تذكرون إلا بمعونة الله تعالى، وخلق القدر والإيمان من الله تعالى: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى}، أي: هو الحقيق بأن يتقيه عباده ويخافوا عقابه، فيؤمنوا ويطيعوا وإذا آمنوا فحقيق أن يغفر لهم، لأنه الرحيم وهو أهل البر والمغفرة والإحسان، وله الفضل والإمتنان.