تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (المزمل)

صفحة 122 - الجزء 1

  أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا ١١}، دعني وإياهم فأنا أتولى عقوبتهم، أولى النعمة والمسرة والراحة والتفكة والنعمة التي أظهرتها عليهم وجعلتها حجة فيهم، وهم صناديد قريش كانوا في نعمة وترفه {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا ١٢} إن عندنا تنكيلا بالأغلال والعذاب الشديد، ومن القيود الثقال والجحيم النار الشديدة الحر {وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ} هو الزقوم الذي يغص به صاحبه ويقف في الحلق.

  {وَعَذَابًا أَلِيمًا ١٣} أي: عذابا شديداً دائماً عتيداً {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ}، والرجفة الزلزال والزعزعة الشديدة، واليوم هو يوم القيامة.

  {وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا ١٤} الكثيب الرمل، والمهيل المنهال الذي لا يتماسك {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ} الخطاب لأهل مكة يشهد عليكم يوم القيامة بكفركم وتكذيبكم {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا ١٥} وهو موسى #، ويكون هناك تشبيه لأهل مكة ومن إليهم بفرعون وأصحابه في تكذيبهم موسى # {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا ١٦}، أي عذبناه عذاباً وبيلا، تقبلاً والوابل العصى والضجة ومنه المطر الوابل الغزير العظيم {فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ} {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ١٧}، أي: كيف لكم بالتقوى، في يوم القيامة، إن كفرتم في الدنيا، وقيل: كيف تعتذرون ما تخافون هذا اليوم الموصوف بالشدة، يقال في اليوم الشديد: يوم تشيب فيه نواصي الأطفال، وهذا دليل على أن الهموم والأحزان تسرع بالشيب أما يوم القيامة فهموم وأحزان لا توصف بوصف، نسأل الله السلامة.

  {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} وصف اليوم بالشدة وأن السماء على عظمها منفطر به أي: فيه فما ظنك بغيرها {كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا ١٨} أي: واقعاً معلوماً لا يتخلف.

  {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ١٩} يريد أن الآيات الناطقة بالوعيد الشديد تذكرة وموعظة عظيمة، فمن أحب أن يعود إلى الله بالتقوى، والخشية، ويتخذ له سبيلاً بالتقرب إلى الله والتوسل بالطاعة {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ