تفسير سورة (الجن)
  يقال: سلك وأسلك أي: أدخل فيه، ومنه (اسلك يدك في جيبك)، عذاباً متصعداً أي عالياً، أي: يعلوه ويغلبه {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ١٨} يريد أن المساجد وضعت الله ولعبادته فلا تدعوا وتعبدوا غير الله وقيل: كان اليهود والنصارى في بيعهم وكنائسهم، وهي موضع عبادتهم أشركوا بالله فنهينا عن ذلك {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ١٩} أي: يزدحمون عليه متراكمين، تعجباً مما رأوا من عبادته واتباع أصحابه، له قائماً وراكعاً وساجداً، وإعجاباً بما تلا من القرآن لأنهم رأوا ما لم يروا مثله، وسمعوا ما لم يسمعوا بمثله، وقيل: لما قام رسول الله ÷، يعبد الله وحده مخالفا للمشركين في عبادتهم، كاد المشركون لتظاهرهم عليه وعداوتهم له يكونون عليه لبداً يزدحمون يريدون هلكته، والله حافظه {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا ٢٠} هذا هو كالجواب، والرد على تعجبهم إنما أدعوا وحده، ولم آتكم بأمر منكم، وليس ذلك مما يوجب عداوتكم لي إنما تحق العداوة والتعجب ممن يعبد غير الله ويجعل له شريكاً {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا ٢١} أي: أني لا أملك لكم ولا أستطيع أن أضركم أو أنفعكم إنما الضار والنافع هو الله {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ٢٢}، لو عندت عن دينهم وأطعت غيره لا يجيرني، فكيف أعدل مثلكم ولن أجد ملجأ وملتحداً مكاناً وموضعاً مستنداً وملجأ إليه، {إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ}، أي: لا أجد إلا ما كلفت به من تبليغ الرسالة وصبراً على القيام بذلك، فإذا فعلته فهو المجير لي وهو الملجأ {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ٢٣} مخلدين دائماً سرمداً {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا ٢٤}، عندما أن يروا ما يوعدون فسيعلمون من هو الضعيف ومن ناصره ضعيف، فناصر محمد ÷ هو الله الرحمن الرحيم، وناصرهم هو الشيطان الرجيم، وأقل عاضداً، وقائماً معه ومؤيداً له، أمحمد ÷ أم أنتم، فالموالون الملائكة المقربون وجميع المؤمنين من الثقلين {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا ٢٥} أمره الله سبحانه أن يقول: لا أدري متى يوم