تفسير سورة (المعارج)
  الإحالة، ونحن نراه قريباً، هيناً في قدرتنا، غير بعيد علينا ولا متعذر {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ٨ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ٩} المهل: الحارق من الزيت أو رديئة وقيل كالفضة المذابة، والعهن: الصوف المصنوع ألواناً، لأن الجبال بيض وحمر فإذا نسفت وطارت في الهواء، أشبهت العين المنفوش إذا طيرته الرياح {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ١٠} أي: لا يسأل بكيف حالك، أو نحوه، لأن مع كل واحد ما يشغله، {يُبَصَّرُونَهُمْ} أي يبصروهم ويرونهم فلا تخفى حالة كل واحد، ويعرفونهم لكنه مشغول، عن المسألة {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ١١ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ١٢} أي يود لو يفتدي بهم {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} وكان الافتداء مقبول ينجيه، أو من في الأرض يتمنى لو كان ما ذكر تحت يديه يفدي بهم نفسه لفعل وهيهات أن شيء وبينه هم أولاده الذي كان يقدم نفسه عليهم، في الدنيا وصاحبته زوجته، وأخيه ابن أمه، وفصيلته أمه أو عشيرته التي تأويه تحصنه أو تحميه في النوائب.
  {ثُمَّ يُنْجِيهِ ١٤ كَلَّا إِنَّهَا لَظَى ١٥} لا يقع أي نجاه، كلا رد للمجرم عن الإرادة والافتداء بها لظى فهي جهنم وسميت لظى لتلهبها {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى ١٦} أي: أكالة للشوى وهو الجلد، وقيل: جلدة الرأس تنزعها نزعا {تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ١٧} مجاز عن حضورها فكأنها تدعوهم، والمدبر هو المعرض عن الله والمتولي عنه قيل تدعوا الكافرين والمنافقين بلسان فصيح تقول: إليَّ إليَّ يا كافر يا منافق، ثم تلتقطهم التقاط الحب، {وَجَمَعَ فَأَوْعَى ١٨} أي: جمع المال في وعاء وكنزه ولم يؤد الزكاة والحقوق الواجبة {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ١٩ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ٢٠ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ٢١} الإنسان الناس والهلوع سرعة الجزع عند مس المكروه، وسرعة المنع عند مس الخير، من قولهم: ناقة، هلوع أي سريعة، وقيل: قد فسره الله بأبين تفسير، وهو إذا ناله شرٌّ أظهر شدة الجزع، وإذا ناله خير بخل به ومنعه الناس، والخير المال والغنى، والشر الفقر أو الصحة والمرض، وهو أن الغنى إذا صح بخل بماله، وإذا مرض جزع {إِلَّا الْمُصَلِّينَ ٢٢ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ٢٣}