تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (المعارج)

صفحة 136 - الجزء 1

  أي: يحافظون عليها بكمالها، ولا ينشغلون عنها بشيء من الشواغل، ولذا قال ÷: «أفضل العمل أدومه وإن قل»، والمحافظة قيامهم بها مع إسباغ الوضوء ومواقيتها، ويقيمون أركانها ويكملونها بسننها، ويحفظونها من موجبات الإحباط، و {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ٢٤ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ٢٥} وهو الزكاة للسائل الذي يسأل والمحروم الذي يتعفف عن السؤال {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ٢٦} يوم القيامة ويصدقونها بأعمالهم الصالحة {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ٢٧} يشفقون يخافون ويخشون العذاب، ويخافون من الله تعالى {إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ٢٨} أي: لا ينبغي لأحد وإن أكثر في الطاعة وبالغ واجتهد أن يأمن من عذاب الله، بل يكون بين الرجاء والخوف كما قال:

  بين الرجاء والخوف ... قلب التقي مقيم

  {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ٢٩} أي يحفظون فروجهم أن يضعوها في غير ما أحل الله لهم {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ٣٠} الاستثناء هنا بمعنى {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} والمملوكات فلا يحفظونها فهي حلال لهم {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ٣١} أي من ابتغى لفرجه غير الحلال، وذلك من البغي {وَرَاءَ ذَلِكَ} أي غير من ذكر من الحلال فهم عادون معتدون، {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ٣٢} والآمانات أنواع، أمانة الله عندهم فيما استرعاهم من حقه وفرضه، ومنها: ما تحمله العلماء من العلم يؤدوه إلى نظرائهم ومنها: ما استأمنهم عليهم من أموالهم يؤدون حقها، ومنها: ما يستأمن الناس عليه بعضهم بعضا من ودائع وأموال، وغير ذلك، من سر وغيره.

  والعهد هو ما أخذ الله على الخلق من التصديق بأنبيائه وكتبه وفي القيام مع أوليائه والنصر لهم، وما أخذ عليهم من وجوب، التعاون على البر والتقوى، وترك التعاون على الإثم والعدوان، ومعنى راعون حافظون {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ ٣٣} الشهادة من جملة الأمانات إلا أنه، خصها، لفضلها لأن فيها وبها حفظ الحقوق، {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ٣٤} تقدم تفسير الحفظ للصلاة.