تفسير سورة (المعارج)
  {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ٣٥} مكرمون معظمون مثابون منعمون {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ٣٦} أي: مالهم عندك، مطأطئين رؤوسهم لا ينظرون إليك، قيل: كانوا، يحتفون عند رسول الله ÷، حلقاً حلقاً، وفرقاً فرقا، يسمعون ما يقول، ويستهزؤون بكلامه، وقيل: مهطعين أي: مسرعين نحوك مقبلين بأبصارهم عليك {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ ٣٧} أي: متفرقين جماعات قيل: كان المستهزؤون خمسة أرهط {أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ٣٨} أي: يأمل، ويرجو كل امرء منهم أن يدخل جنة نعيم، وهذا أمل كاذب، ورجاء خائب، و {كَلَّا} ردع وزجر عن هذا الأمل {إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ٣٩} من النطفة المهينة الضعيفة، القادر على أن يبدل خيراً منهم وما بالهم وإنكار البعث، وقد عرفوا مما خلقوا {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ٤٠ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ٤١} فلا أقسم أي أفلا أقسم كما تقدم، والمشارق والمغارب مشارق الفلك ومغاربه، بأن له منازل التي يحلها الشمس والقمر، وتطلع منها وتغرب، وجواب القسم {إِنَّا لَقَادِرُونَ ٤٠ عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ}، أي: نذهب هؤلاء ونأتي بخير منهم وما نحن بمسبوقين، أي يسبقنا أحد يفوت أو يهرب فلا نناله {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ٤٢} أي: دعوهم وآمالهم يكذبوا ويترددون في الضلال، وقال يلعبوا لأن اللعب الأمر الذي لا ثبات له ولم يأت شيئاً منه على وثيقة {كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ٤٣}، قيل النصب شيء من الشعر، تضرب فيه بأصواتها فإذا سمعوه أقبلوا إليه، وقيل النصب ما ينصب ليوسد {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ٤٤} أبصارهم خاشعة منكسرة غير مسرورة، قد خشعت أبصارهم لهول ما رأت وترهقهم تغشاهم الذلة وهي الخزي والمذلة، وذلك حينما أيقنوا بالعذاب، فقال جل وعلا، {ذَلِكَ} أي: الذي قد ذكر في اليوم {الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ٤٤}، وهو يوم القيامة، الذي كانوا يكذبون به.
  اللهم صلى على محمد وآله ووفقنا ونجنا من النار يا عزيز يا غفار.