تفسير سورة (الفيل)
  اتمها وقع عليه الحجر، فخر ميتاً بين يديه، أي: بين يد النجاشي. فهذا رد لكيدهم كما قال تعالى: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ٢} وكيدهم فهي إرادتهم بما كانوا أرادوا من هذا البيت، وجعل كيدهم في تضليل، أي: في عذاب، لأن الضلال يكون بمعنى العذاب كقوله تعالى: {فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ ٤٧} وقيل ضلالاً ضائعاً، كقوله تعالى: {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ١٤} أي: في ضياع، ووصف الطير بأنها أبابيل.
  قال في المصابيح: والطير الأبابيل، فهي الطير الكبير الأراعيل التي تأتي من كل جهة ولا تأتي من ناحية واحدة. وقال في الكشاف: أبابيل حزائق الواحدة أبالة وهي الحزمة الكبيرة، وفي أمثالهم «ضغث على إبالة» شبه الحزقة من الطير في تضامها بالإبالة، والسجين فهو الطين المستحجر الصلب، الذي ليس فيه لين لا يقع على شيء إلا هشمه، والعصف فهو القصب البالي، الذي قد تناثر وتهلهل لكثرة مرور الوقت عليه، والمأكول الذي يسقط عليه الدود من الزرع فتأكله، وقيل: دقائق التبن أو بشيء أكلته الدواب وراثته، وفي هذه السورة من القدرة الإلهية، وتعجيل العذاب في الأمور التي عظمت معصيتها فهذه القدرة الألهية التي شرحها الله، وأرسلها عبرة لكل ذي عقل سليم، وفهم مستقيم، نسأل الله تعالى أن يجعلنا معتبرين بآياته وخائفين من سطواته، آمين.