تفسير سورة (التكاثر)
  {كَلَّا} ردع وتنبيه على انه لا ينبغي للناظر لنفسه، أن تكون الدنيا جميع همه تاركاً لأمور دينه {تَعْلَمُونَ ٣} وفي هذا إنذار وتخويف عظيم، وفي التكرير زيادة إنذار، وإنه لا بد من أن يعلم ويتحقق، أنه لن ينفعه إلا الأعمال الصالحة، فقال: {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ٤} ثم كرر التنبيه بقوله تعالى: {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ ٥} وجواب لو محذوف أي: لو تعلمون ما تستقبلونه من الأمور العظيمة، لما كنتم تشتغلون بما لا ينفعكم. ثم قال تعالى: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ٦} وهذا جواب قسم، محذوف لتوكيده الوعيد، أي: والله لترون الجحيم، ثم لترونها عين اليقين، وفي هذا تخويف وإنذار، لما فيه من تفخيمه وتعظيمه بعد الإبهام والتكرير، والعطف يثم تغليظ في التهديد وزيادة في التهويل، وعين اليقين هي نفس اليقين، ويجوز أن تكون الرؤية بمعنى العلم {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ٨} أي: لتسألن في ذلك اليوم، عن ما كنتم فيه من اللهو والتنعم، الذي شغلكم الالتذاذ به عن الدين وتكاليفه، والنعيم هو للعموم، أي: كل ما كنتم تتنعمون به من الملاذ واللباس، وإلى غير ذلك من سوابغ النعم، التي منَّ الله بها في الدنيا والله الموفق.