تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (العلق)

صفحة 43 - الجزء 1

تفسير سورة (العلق)

  

  {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١} أمره الله بالقراءة، وقوله: {بِاسْمِ رَبِّكَ} أي: ، وربك الخالق القادر، الذي فطر السموات والأرض وبينه بالصفة المعروفة بقوله: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ٢} وخص الإنسان بالذكر لأنه أشرف ما على الأرض، ويجوز أن يراد الذي خلق الإنسان ويكون فيه تفخيماً لخلق الإنسان ودلالة على عجيب فطرته وخلقه من علقة، التي هي النطفة الضعيفة، وفي ذلك دلالة على أن ذلك من أعجب العجائب، وحينما نفكر أن الله خلق آدم من تراب وذريته من نطفة دليل على كمال القدرة الإلهية، ثم كرر الأمر بالقراءة فقال: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ٣ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ٤} الأكرم الذي له الكمال في زيادة كرمه على كل كريم، ينعم على عباده بالنعم التي لا تحصى، ويحلم عليهم، ولأنه أجلهم بالمؤاخذه، وفي تكرير الأمر بالقراءة، لأن في التكرير زيادة المن والنعمة ليترتب عليها ما ذكره من الكرم العظيم ثم ما أردفه بقوله: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ٥} بكمال الحواس والتفهيم للمعلومات، وذلك من عظيم النعمة حينما يخلقه من العدم، ثم ينعم عليه بأصول النعم، وفروعها من الحواس وغيرها من العقل الذي ميزه من بين الأنعام واختصه به {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ١٤} قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٧٨} فهو المعلم جل وعلا بالقلم وبغيره أن