تفسير سورة (الشرح)
  وفي القرآن قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}[التوبة: ٦٢] {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠]، وتكرير {لَكَ} في الثلاث الآيات للتأكيد.
  ثم رتب على ما ذُكر. قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٦}، لما ذكر ما أنعم عليه من جلائل النعم، كأنه قال: خوّلناك ما خولناك فلا تيأس من فضل الله، {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ٥}، أي: ولو وقع بعض العسر من فقر أو غيره، فإن اليسر يزيل ذلك في أقرب وقت، وكرر ذلك للتأكيد بأن اليسر سيغلب العسر، لتقرير معناها في النفوس وتمكينها في القلوب، ويفهم منه أن اليسر أكثر من العسر، وروي أن رسول الله ÷، خرج ذات يوم وهو يضحك ويقول: «لن يغلب عسر يسرين» وذلك لأن العسر واحد حينما قُرن بالألف واللام التي هي للعهد. واليسر مكرر للتأسيس لا للتأكيد كما فهم مما ذكر.
  واليسر قد حصل بحمد الله له ÷ بما أنعم الله عليه بالنصر المؤزر الذي حصل منها الغنائم الكثيرة، والتي أصبح الإسلام والمسلمين بها أقوياء، والتنكير في اليسر لعظم حاله وكثرته.
  ثم قال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ٧ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ٨}، هذا أمر إرشادي فإذا فرغت من عمل الصلاة وغيرها، فأنصب في الدعاء وأرغب في العبادة بمتابعتها، قيل: إنها لما نزلت جد رسول الله ÷، في العبادة، وكلما فرغ من عبادة أتبعها أخرى. وعن ابن عباس «وإذا فرغت في صلاتك فاجتهد في الدعاء» وقيل: فأجتهد في العبادة، وكل ذلك صالح بحمد الله تعالى وقد عمل بها الرسول ÷ بكل معانيها، ولنا برسول الله أسوة حسنة، فطوبى لمن رغب في عبادة الله وأكثر من الدعاء واللجوء إليه، والله اسأله التوفيق.