تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (الفجر)

صفحة 61 - الجزء 1

  وينهى، ومعنى الاستفهام أي هل في ذلك الإقسام مقنع لذي حجر، بل ذلك قسم عظيم مفيد لذوي العقول وجواب القسم محذوف وهو لتعذبن بدليل قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦} وهذا ما أفاده في الكشاف، وأما في المصابيح فقال: جواب القسم، {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ١٤} تخويفاً منه تبارك وتعالى ووعيداً لعصاة العباد، انتهى.

  وللناظر نظره وكل ذلك صالح ثم قال: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦} وقوم عاد قيل: هم أولاد عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح يقال: قوم عاد ثم قيل للأولين: عاد الأولى وإرم تسمية لهم باسم جدهم، الذي هو إرم بن سام، ومن بعدهم عاد الأخيرة وقيل: إرم اسم لأرضهم وبلادهم التي كانوا فيها {ذَاتِ الْعِمَادِ ٧} اسم للمدينة، ويحتمل أنه صفة للقبيلة فعلى الأول أنها مبنية بعُمدِ عظيمة من الحجارة والخشب، رفيعة البناء صنعوها ونصبوها، لا يقدر على صنع مثلها غيرهم، لأنهم كانوا أهل قوة شديدة، وإن كانت صفة للقبيلة فالمعنى أنهم كانوا طوال الأجسام، تشبيها لهم بالأعمدة الطويلة القوية، وما رواه في الكشاف أنه كان لعاد ابنان شداد و شديد، ملكا الأرض، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد، فسمع بذكر الجنة فبنى مدينة عظيمة، قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة، وكان موقعها في صحارى عدن، وبناها في ثلاثمائة سنة وكان عمره تسعمائة سنة، فلما تمها سار إليها بأهل مملكته، فلما كان منها مسيرة يوم، بعث الله عليهم صيحة من السماء، فهلكوا وأن عبدالله بن قلابة دخلها، وأخذ من الذهب ما شاء، إلى آخر القصة فالله أعلم بالواقع، ويقولون: إنها رفعت أو أعمى الله عنها الأبصار، ولم يكن هناك رواية صحيحة يعتمد عليها، ثم قال الله في وصف المدينة ذات العماد {الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ٨} أي: مثل عاد، لعظم أجسامهم وقوة أبدانهم، قيل: كان طول الواحد منهم أربعمائة ذراع، قيل: كان يأخذ أحدهم الصخرة العظيمة، فيحملها ويلقيها على الحي