تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (الغاشية)

صفحة 65 - الجزء 1

تفسير سورة (الغاشية)

  

  {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ١} الغاشية مأخوذ من الغشيان وهو الهبوط بقوة، وهي هنا الداهية العظيمة، التي تغشي الناس بشدائدها وأهوالها وهي القيامة، وقيل: الغاشية النار أخذاً من قوله تعالى: {وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ٥٠}⁣[إبراهيم] {وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ٢} ذليلة بعصيانها {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ٣} قيل: تعمل في النار عملاً تتعب فيه، وهذا غير ظاهر، بل الظاهر التي قد عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها، وتنعمت، أو التي عملت عمل الخير، ولكنه بريء وغيره كأعمال الخوارج، وتلك أعمال لا تجدي ولا تنفع، كما قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ٢٣}⁣[الفرقان] {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ١٠٤}⁣[الكهف] وذلك لأنه عقبها بقوله تعالى: {تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً ٤} تصلى تدخل فيه تمكناً، قيل: في وسطه لأن الصلو معناه هذا {تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ٥} آنية: شديدة الحر متناهية فيه، كقوله تعالى {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ٤٤}⁣[الرحمن]، {لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ٦} الضريع يبيس الشبرق، وهو جنس من الشوك ترعاه الإبل إذا كان رطباً، وإذا يبس فلا تقدر عليه، وهو من النار نعوذ بالله {لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ٧} الله لأنه ليس بطعام حتى للبهائم فضلاً عن الإنس {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ ٨} ذات بهجة وحسن متنعمة {لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ٩} أي قد رضيت: بسعيها