تفسير سورة (الإنشقاق)
  من الميامنة، الذي هو اليمن والبركة كما أفاده في المصابيح، أن المقصود، اليمن الذي هو التيسير، وقوله {حِسَابًا يَسِيرًا ٨} أي سهلاً لا يناقش ولا يعترض بما يسؤوه ويشق عليه {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا ٩} إلى أهله وعشيرته إن كانوا مؤمنين، أو إلى رفقاء له، أو من الصالحين وإلى أهله في الجنة ومن حور العين {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ١٠ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا ١١} قيل: يغل يمناه إلى عنقه وشماله، إلى ظهره فهناك يشتد الأمر عليه ويدعو بالويل والثبور يقول: يا ويلاه ويا ثبوراه والثبور الهلاك {وَيَصْلَى سَعِيرًا ١٢} أي: يدخل في السعير، كقوله: {نُصْلِيهِ نَارًا}.
  {إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا ١٣} يعني: أنه كان في الدنيا مترف متنعم يهمه شيء من أمر الآخرة، كان في سرور وحبور {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ١٤} أي: كاد يعتقد أنه لا يرجع إلى الآخرة، تكذيباً بالقرآن وبما جاء به من ذكر الآخرة على لسان رسول الله ÷، والحور هو الرجوع، كما ورد «أعوذ بالله من الحور بعد الكور» أي: الرجوع، ونقض الأمور بعد كورها وجمعها ثم قال الله: {بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا ١٥} أي: بلى لا بد من الرجوع، فهو نقض للنفي، وهو أن لن يحور إن الله كان به وبأعماله بصيراً، أي: عالماً خبيراً مطلع على أعماله صغيرها وكبيرها {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ١٦ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ ١٧} الشفق الحمرة التي تقع بعد غروب الشمس وعند انتهائه، يخرج وقت المغرب الاختياري، والوسق الجمع أي ما جمعه الليل، وضمه وستره وآوى إليه من الدواب وغيرها {وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ١٨} أي: استوى واستدار وتم نوره {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ ١٩ فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٠} يركب يواجه الحالات، والطبق المطابقة أي لتركبن حالاً بعد حال كل واحدة مطابق لأختها، الشده وقيل هو الموت، وما بعده من أحوال البرزخ {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ٢٠ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ ٢١} أي: لا يعبدون الله ويتقربون إليه بالسجود، وقيل: لا يخضعون ويذلون وفيها إشارة إلى الكفار الذين كانوا يستمعون إلى القرآن ولا يؤمنون به {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ ٢٢ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ٢٣} أي لا