تفسير سورة (التكوير)
  الصبح، حصل بإقباله روح ونسيم وقيل: مجاز جعل ظهوره تنفساً {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ١٩} هذا جواب القسم، والكريم هو جبريل # لما له من الشرف والرفعة والعظمة {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ٢٠} ذي قوة عظيمة وعند ذي العرش، دليل على عظم منزلته ومكانته {مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ٢١} مطاع عند الملائكة، ذو استماع لا يعصون له أمراً، يصدرون عن أمره ويرجعون إلى رأيه، و {ثَمَّ} أي في السماء مجاب الدعوة عند الله {وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ٢٢} يعني محمد ÷، وأنه ليس كما يقولون: إنه مجنون {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ٢٣} أي: أن محمداً # رأى جبريل بالأفق المبين، أي بمطلع الشمس الأعلى {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ ٢٤} أي: بمتهم مأخوذ من الظنة، وهي التهمة، وقرئ بظنين من الظن، وهو البخل أي لا يبخل بالوحي أي يكتمه وهذا دليل على الفرق بين الضاد والظاء، فعلى القارئ التحري لأن مخرج الضاد من حافة اللسان من يمنى اللسان أو شماله، ومخرج الظاء من طرف اللسان: أي: أوله فليتأمل، {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ٢٥} أَي ليس القرآن أي الذي يلقى على لسان السحرة والكهنة من الشياطين {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ٢٦} أين تروحون وأين يذهبون عن هذا القرآن وفيه من التشنيع على أهل الظلال واستظلالهم تبيين عظيم وتهكم كبير في تركهم الحق، وعدو لهم عنه إلى الباطل {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ٢٧} أي: القرآن فيه من التذكير، والتبليغ، والترغيب، والترهيب، ما يكفي العاقل وهذه الكتب. {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ٢٨ وَمَا تَشَاءُونَ} من الإستقامة يا من يشاؤها إلا بتوفيق من الله ولطفه {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} بمعنى أنكم لا تعلمون شيئاً إلا وقد علم الله ذلك وهو رب العالمين، العلم بالإرادات قيل: العمل، وقيل: وما تشاؤون أنتم يا من لا يشاؤها إلا بقسر من الله، والله قد خول الاختيار إلى العبد أن يعمل ما يشاء من دون قسر ولا إلجاء، ولا إجبار، والحمد لله رب العالمين.