تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (عبس)

صفحة 91 - الجزء 1

  به، ولو رديت لما فرطت فيه {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ٥ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ٦} أي: تقبل إليه من أجل الحرص والطمع في إسلامه {وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ٧} أي ليس عليك جناح، إن عليك إلى البلاغ {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ٨ وَهُوَ يَخْشَى ٩ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ١٠} أي: من أتاك طالباً للخير، وهو يخشى فأنت تتشاغل عنه أي يلهيك غيره {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ١١} ردع وزجر عن الإعراض عمن يطلب الخير، أنها موعظة يجب قبولها و {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ ١٢} أي: كان ذاكراً غير ناس ولا لاء لأنه يقبل على الذكرى {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ١٣} أي: أن التذكرة في صحف والصحف مكرمة لأنها من الله {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ١٤} أي: مرفوعة في السماء مطهرة عن الشياطين لا يمسها إلا الملائكة المطهرون {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ١٧} أي: هذا تعجب من كفر الكافر، وفي كفرانه لنعمة الله تعالى مع ظهور البينات، ووضوح الدلالات التي لا تخفى على عاقل، ثم شرح حال الإنسان من ابتداء خلقه فقال: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ١٨ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ} أي: من ماء مهين، فقدره فهيأه لما يصلح له، وخلق كل شيء فقدره تقديراً {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ٢٠} نصب السبيل على الاشتغال بما فسر به، أي: يسر السبيل بأن سهل له طريق الخير والشر كقوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ٣}⁣[الإنسان]، {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ٢١} أي قدر الله الموت عليه فأقبره، جعل له قبراً يواريه ويستره ويصونه، على أن لا تأكله السباع والطير كسائر الحيوانات {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ٢٢} وهي الإعادة إلى دار الجزاء كما قدر الله ذلك وأراد فعله جل وعلا {كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ٢٣} كلا يحتمل الردع والزجر عما هو عليه من الغفلة ونحوها، ويحتمل أن تكون حقاً، ومعناه أنه لم يقض، أي لم يؤد ما أمر الله من الواجبات، يعني أن الإنسان لا يخلو من التقصير {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ٢٤} أي يجب أن يفكر في طعامه كيف يعيش وأنا ندبر أمره {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ٢٥} أي بالأمطار الغزيرة والمنافع الكثيرة {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ٢٦} بالنبات من الزرائع وغيرها من النباتات {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ٢٧ وَعِنَبًا وَقَضْبًا ٢٨ وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ٢٩ وَحَدَائِقَ غُلْبًا ٣٠ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ٣١} الحب معروف من الحنطة والشعير والذرة وغير ذلك، من الحبوب والعنب معروف، {وَقَضْبًا ٢٨} هو البرسيم في