تفسير سورة (عبس)
  بعض اللغات، والزيتون والنخل معروفان، وحدائق غلبا الحدائق موصوفة بغلبا، إما كثير من الشجر فيها أو الشجر العظام الغلاظ والله أعلم، {وَفَاكِهَةً} يدخل فيه كل ما يقع التفكه به ولم يكن قوتاً والأب قيل: المرعى لأنه يؤوب أي يعود وقيل: كل الشجر التي ينتفع بها الإنسان أو الأنعام، لأنها كلها تؤؤب وترجع، ولذا قال فيها أجمع {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ٣٢} أي: تستمتعون به وبأكله من المتاع، والمتاع يزول أيضاً، كما قال تعالى: {مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[آل عمران: ١٤] {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ}[آل عمران: ١٨٥]، {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ ٣٣} التي تصخ الأسماع والإصاخة الاستماع، قيل هي من أسماء القيامة وعندها، يقول الله {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ٣٤ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ٣٥ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ ٣٦} يفر منهم لاشتغاله بما هو فيه وما شاهد من أحوال القيامة وأهوالها، ولعلمه أنهم لا يغنون عنه شيئاً، وبدأ بالأخ لأنه أكثر ألفة معه، ثم الأب لأنه أقرب نفاعة، ثم الصاحبة وهي زوجته، والبنين لأنهم أقرب ما يشفق عليهم وأحب الناس إليه، وقيل: يفر منهم خوفاً، أن يطالبوه، والمعنى الأول أولى لقوله: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ٣٧} أَي: يهمه {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ٣٨ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ٣٩} مسفرة متهللة مضيئه من أسفر الصبح إذا أضاء قيل من كثرة الصلاة وقيل: من آثار الوضوء {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ٤٠ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ٤١ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ٤٢} {عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ٤٠} يعلوها الغبرة قترة مسودة، فإذا اجتمع السواد والغبرة في الوجوه، كان أقبح شيء، ثم أشار إليهم أنهم الكفرة الفجرة جمع الكفر والفجور، الكفر معروف، والفجور لكل المعاصي، نعوذ بالله اللهم صل على محمد وآله ونجنا من النار يا عزيز يا غفار.