تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (النازعات)

صفحة 94 - الجزء 1

  السحاب تنشط من ماء البحار، وقد أفاد في قوله فيما أرى والله أعلم.

  {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ ٦ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ٧} الراجفة هي القيامة وهي من أسمائها، والراجفة التي ترجف عندها الأرض والجبال وهي النفخة الأولى، وتتبعها الرادفة النفخة الثانية {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ ٨} أي: مضطربة شديده الاضطراب، والوجيب والوخيف أخوان {أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ٩} كل ذليله منكسة، أي: أبصار صاحب القلوب {يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ ١٠} أي: مردودون في الحالة الأولى، يبعثون الحياة بعد الموت، قاله في الكشاف.

  وفي المصابيح، الحافرة التي تحفر على السرائر وتظهرها {أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً ١١} يتعجبون من رجوعهم، بعد أن كانوا عظاماً بالية نخرة وهو تعجب بمعنى الإنكار {تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ ١٢} أي رجعة خاسرة، بمعنى إذا صحت فنحن إذاً خاسرون وهذا استهزاء منهم مع الإنكار، وإذا منصوب بمحذوف أي نرد أو نبعث {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ ١٣ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ١٤} الزجرة الواحدة، قيل النفخة الثانية، كأنه يقول: لا تستبعدوا ذلك، فإنما هي زجرة أي صيحة فإذا هم في الساهرة والساهرة، قيل هي الأرض البيضاء المستوية، وقيل: إنها من أسماء القيامة، فإذا قد حلت الساهرة وهي القيامة قد وقعوا فيها أو المتعبة، لما فيها من الأمور المتعبة، والله اعلم.

  {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ١٥} معناه الاستفهام وهو بمعنى التقرير، كأنه يقول: قد أتاك لأن هل يكون بمعنى قد في مواضع كثيره يمكن هذا منها، فيقول: هل أتاك حديث موسى، إذ قيل له اذهب إلى فرعون إنه طغى {إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ١٦} خلق الله النداء بالواد المقدس، أي الواد المكرم المنزه المعظم وهو طوى {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ١٨} أي: هل ترغب في التزكية، أي إلى أن يتطهر من الشرك {وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ١٩} أي: أرشدك إلى معرفة الله لأن يحصل لك الخشية، والخشية لا تكون إلا بعد المعرفة {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} أي العلماء به والخشية لها فائدتها، لأن من خشي الله حصل منه كل خير ومن