تفسير سورة (عم)
  فيها من الفوائد المأكولة الشهية، والروائح البهية وما فيها من الزينه للناظرين، فسبحان الله رب العالمين {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا ١٧} يوم الفصل يوم الجزاء، اليوم الذي فيه تفصل الأمور، وتقطع بين العباد والقضاء بينهم فيما كانوا فيه يختلفون وبالنباء يكذبون، و {مِيقَاتًا} موعد انتها الدنيا، وحد للخلق ينتهون إليه {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} نفخ الروح في الأجسام، أي: يجعل فيها الحياة كقوله تعالى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي}[الحجر: ٢٩] والصور جمع صورة على كلام الهادي # {فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ١٨} يأتون من القبور أفواجاً جماعات مختلفة وكثيرون {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا ١٩}: أي: مفتحة والتشديد للكثرة، وذلك لنزول الملائكة، وقيل: تقطع وتقلع وتذهب {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ٢٠} أي: تسير حتى تذهب وتنسف هباء منبثاً أي كلا شيء لتفرق أجزائها {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ٢١ لِلطَّاغِينَ مَآبًا ٢٢} أي: جعلنا جهنم محلاً للطاغين يرصدون فيه، أي مكاناً لا معدل لهم عنه، ومآباً أي: معاداً أو موئلاً ومقراً يأوون إليه، ويصيرون إليه، والأوب الرجوع {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ٢٣} من لبث في المكان استقر فيه، لا ينفك عنه أحقاباً، حقب بعد حقب، كلما مضى حقب يتبعه أخر، وهي الدهور الدائمه وقد قيل: إن الحقب ثمانون سنة فالمراد حقب بعد حقب {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا ٢٤} أي: لا يذوقون فيها روحا يبردون، ولا شراباً يسكن عطشهم، أي لا يذوقون ما يسهل عليهم عذابهم، ويفرج عنهم كربهم {إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ٢٥} الحميم الماء المغلا، الذي قد اشتد غليانه وهو الغساق ما سال من صديدهم، أو صفة للماء المحمى وفيه زيادة في الشدة {جَزَاءً وِفَاقًا ٢٦} أي ننقص جزاء وفقاً أي: مستوياً على الأعمال التي عملتموها، لا نزيد على ذلك ولا نقص، وذلك بعد الإعذار والإنذار، أنهم كانوا لا يرجون حساباً، أي لا يؤملون المحاسبة على ما قدموا {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ٢٨} أي كذبوا بما رأوا من الآيات، وأبصروها فكذبوا بها وكذابا أي تكذيبا ومناكرة وكفرا {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ٢٩} أي: محفوظاً مثبتاً معلوماً مبيناً {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ٣٠} أي: بسبب كفركم ذوقوا الجزاء،