تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (عم)

صفحة 100 - الجزء 1

  فلن نزيدكم إلا دوام العذاب عن النبي ÷: «إن هذه الآية أشد ما في القرآن من العذاب» {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ٣١} أي: فوزاً وظفراً وموضع نجاة فاز بكذا إذا غنم ذلك وقيل: الحدائق والبساتين، ولذا قرن بقوله: {حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ٣٢ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ٣٣ وَكَأْسًا دِهَاقًا ٣٤} حدائق من أنواع الشجر، والأعناب الكروم، والكواعب التي قد فلكت ثديها وهن النواهد، والأتراب اللذات الجميلة، والدهاق المترعة وأدهق الحوض أدهقة أي ملأه {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ٣٥} أي لا يسمعون لغواً، وهو الكلام الباطل ولا كذابا يكذب بعضهم على بعض {جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا ٣٦} هبة، وجزاء حساباً أي كثيراً {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا ٣٧} أي: لا ينالون عنده، مخطئة ولا بهتاناً ولا مكابرة ولا جحداناً، بمعنى عنده {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ٣٨} سبحان الله العظيم الروح جبريل # وتصف الملائكة صفاً خاضعين لله الجبار العظيم لا يصدر منهم كلام إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً أي: حقا {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ} أي حق لا خلف فيه ولا باطل {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا ٣٩} أي وصلة لا تنقطع ومآباً مرجع، أي: يرجع إلى ربه ويتوب موئلاً ومرجعاً {إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا} أي: حذرناكم ونبهناكم عذاباً قريباً، أي وقته قد قرب وما أقربه عند الله {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}: أي: الكافر ما قدم من الشر {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ٤٠} أي ياليتني كنت تراباً في هذا اليوم، فلن أبعث تحسراً وندامة، ولا ينفع هناك الندم، وقيل: نعوذ بالله ونستجيره من البلى، ونسأله الرحمة والهدى، والمعونة على أمور الآخرة والأولى، ولا قوة إلا بالله، وحسبنا ونعم الوكيل، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب والحمد لله على جزيل أنعامه.

  تم تفسير الجزء الأول، ويليه إن شاء الله الجزء الثاني في تفسير جزء تبارك، وله الحمد على التمام.