تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (الفلق)

صفحة 12 - الجزء 1

تفسير سورة (الفلق)

  

  {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ١} تقدم أنه أمر من الله، وإرشاد من الله تعالى على لسان رسوله ÷، وهو إرشاد من الله ورحمة أن يستجيروا، ويلوذوا برب الفلق، والرب هو المالك العظيم كما تقدم، ومعنى الفلق هو انفلاق الفجر أي: رب الفلق الذي فلق الصباح وأوجده، وهو الرب العظيم جل وعلا أي: أني أستعيذ برب الفلق أو نستعيذ بمن فلق الفلق مِن {شَرِّ مَا خَلَقَ ٢} أي: من جميع خلقه أي: من شرهم لما يفعلونه من المعاصي والمآثم، وظلمهم من بعضهم البعض من بغي وتعد من قتل وضرب وغير ذلك، من أنواع الظلم، ومن الوحوش والحشرات، وما تفعله من الأكل، واللدغ، واللقص، والسحر، والعض، وغير ذلك. وقوله: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ} والغاسق هو الليل لأنه يغسق بظلامه، ويملأ الأرض ظلمة كغسق الإناء أي امتلائه، وغسقت الجراحة أي: امتلأت دماً، ووقب ثبت ووجب بمعنى دخل ظلام الليل، وقد قيل: إن الفلق وادٍ في جهنم، وقيل: الفلق الخلق والمراد بذلك الاستعاذه من جميع خلقه في الليل والنهار، وما يقع فيهما من الشرور وشر الليل أكثر لخفايته، والتحرز فيه صعب شديد ومنه قولهم الليل أخفى للويل، وقولهم أغدر الليل لأنه إذا أظلم كثر فيه الغدر، والغدرُ أفاد ذلك في الكشاف وقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ٤} أي: السواحر اللواتي يعقدن العقد، وهي خيوط يعقدونها وينفثون فيها، والنفث النفخ مع ريق، وليس لهم فعل إلا الأسباب