تفسير سورة (نوح)
تفسير سورة (نوح)
  
  {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ١} أرسلناه إلى قومه لينذرهم فتكون أن في أن (أنذر مصدرية)، ويصير المعنى أرسلناه للإنذار، ويجوز أن تكون مفسرة لأنه قد تقدم جمله فيها معنى القول وهي أرسلنا والمعنى مستقيم على الوجهين أي: أنذرهم من قبل هجوم العذاب عليهم {قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ٢ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ٣} والنذير المبلغ مع التخويف {مُبِينٌ}، أي: مظهر لأمر الله {أَنِ اعْبُدُوا} النون هنا محتمل للوجهين في أن أنذر، وهذه مثلها، أي: أطيعوه وقوموا بما افترض عليكم {يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٤}، يقول: إن استقمتم وأطعتم واتقيتم فسيغفر الله ذنوبكم، ويؤخركم إلى أجل مسمى، وهو العمر المقرر لكل واحد قيل ألف سنة، فبادروا في وقت الإمهال قبل أن يحل بكم عذابه {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا ٥ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا ٦} يقول: إنه يدعوا قومه ليلاً ونهاراً، دائباً من غير فتور، مستغرقاً للأوقات كلها {فَلَمْ يَزِدْهُمْ}، يعني: كل ما دعوتهم، ازدادوا عتواً وعناداً، وصدوداً، أسند الزيادة إلى الدعاء مجازاً كقوله تعالى: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ}[التوبة: ١٢٥] والمؤمنون زادتهم إيماناً.
  {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ٧} وكلما دعوتهم ليتوبوا فتغفر لهم سدوا آذانهم بأصابعهم