تفسير سورة (الماعون)
تفسير سورة (الماعون)
  
  {أَرَأَيْتَ} أي: هل رأيت الذي يكذب بدار الجزاء، كأنه قال: من هو؟ قال: ذلك الذي يكذب بالدين، الذي يدع اليتيم، أي: يدفعه ويزجره ويرده رداً عنيفاً قبيحاً، وقيل: يَدَعُ اليتيم، أي: يتركه على قراءة التخفيف، وهذا تبيين من الله تعالى لرسوله ÷، ولمن آمن لأن الخطاب برأيت لمن يصلح له الخطاب، والرؤية هنا بمعنى العلم، لا الرؤية البصرية. كقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ١} و {الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ١} أي: بيوم يجزي الله العاملين على ما عملوا، فهو يكون صفته أنه بعيد عن فعل الخير، وعن الرحمة لليتيم والصدقة عليه، بل يدفعه ويرده، ومن صفته أيضاً أنه لا يحض على طعام المسكين، أي: لا يبعث أهله ولا غيرهم على طعام المسكين، لأنه لا يؤمن بيوم الجزاء، لأن ذلك صار علامة لمن يكذب بيوم الدين، أما من آمن بيوم الجزاء، وعرف وتيقن المجازاة، فلا يكون كذلك بل يكون صفته عاملاً للخير. {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ٤} أي: الذين يصلون رياء، ولا يصلون الله مخلصين، ذلك فإنهم لا يرجون لها ثواباً وإن صلوا، ولا يخافون عقاباً، وإن تركوا، لأنهم إن كانوا مع المؤمنين صلوا رياء، وإن لم يكونوا معهم لم يصلوا. ولذا وصفهم بقوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ٦ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ٧} يراؤون في صلاتهم، وقلوبهم غافلة عن معنى الصلاة وما شرعت له، ولا يزكون أموالهم، بل يمنعون