تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (والعاديات)

صفحة 35 - الجزء 1

تفسير سورة (والعاديات)

  

  {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا ١} أقسم الله جل وعلا بالعاديات، وهي التي تعدو، وهي الخيل التي تحمل الغزاة في سبيل الله بفضلها حينئذ، والضبح: صوتها عند العدو، وقال عنترة:

  والخيل تقدح حين تضبح ... في حياض الموت ضبحاً

  أي: تقدح بحوافرها فقال تعالى: {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا ٢} والإيراء هو إخراج النار حين تصك بحوافرها على الحجارة يقال قدح فأورى {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا ٣} أي: تغير على العدو في الصباح {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ٤} أي: فهيجن بذلك غباراً {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا ٥} أي: فوسطن بذلك جمعاً، أي بين جموع الأعداء، أي: توسطن بين العدو ثم رتب بعد ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ٦} الكنود الكفور، كند النعمة كفرانها، وترك شكرها، رتب النعمة بالخيل ونفاعتها عند الجهاد، وبأن ذكر أن الإنسان كفور للنعمة غير شاكر بل غافل بالمعاصي عنود عند الحق {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ٧}: أي: يشهد على نفسه، ولا يقدر أن لظهور أمره. وقيل: إن الشاهد الله وإن العبد يعمل المعاصي، ويجحد النعمة، والله على ذلك شهيد. وذلك وعيد وأي وعيد حينما يشاهده الله، وهو يعمل المعاصي، وهو مع ذلك كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ٨} أي: بخيل شديد البخل ممسك للأموال لا ينفقها لكثرة حبه للمال أو أراد بالشديد القوي