تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (الضحى)

صفحة 50 - الجزء 1

تفسير سورة (الضحى)

  

  {وَالضُّحَى ١ وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى ٢} الضحى هو أول النهار وارتفاع ضوءه، وسجو الليل هو سكونه وركوده، وتراكم ظلمته، وخص الضحى بالقسم قيل: لأنها الساعة التي كلم الله فيها موسى وألقي السحرة سجداً في قوله تعالى: {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ٥٩}⁣[طه] وقيل: أراد بالضحى النهار لقوله تعالى: {أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى}⁣[الأعراف: ٩٨] أي: نهاراً لمقابلته بياتاً، أفاد هذا في الكشاف {مَا وَدَّعَكَ} الجواب القسم، بمعنى ما تركك، أو ما قطع المودع، والتوديع هي المفارقة الواضحة؛ لأنه من ودعك صاحبك فقد فارقك قيل: إن الوحي تأخر عن رسول الله ÷، أياماً، فقال المشركون: إن محمداً قد ودعه ربه وقلاه وحزن لذلك وخاف فنزل: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ٣} بل تأخر الوحي لمصلحة يعلمها الله تعالى، وما قلى وهي الكراهة، فما قلاك ما أبغضك ولا تَرَكَكَ، ولذا أردفه بقوله تعالى: {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ٤ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ٥}⁣(⁣١) أخبره جل وعلا أن حاله في الآخرة أعظم من حاله في الدنيا، وأجل وهو السبق والتقدم على جميع الأنبياء وعلى سائر الأمم، ورفع درجات


(١) فائدة: قال في الكشاف اللام في {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ}، لام الإتبداء وليست لام القسم، لأن لام القسم لا تدخل إلا على مضارع مؤكد فلما كان المضارع هنا غير مؤكد، فيجب حملها على لام الإبتداء، ويقدر مبتدأ أي ولأنت سوف يعطيك، إنتهى بتصرف، إنما هذا معنى ما ذكره في الكشاف، والله الموفق.