تفسير جزء عم وجزء تبارك،

صلاح بن أحمد فليته (المتوفى: 1429 هـ)

تفسير سورة (والليل)

صفحة 52 - الجزء 1

تفسير سورة (والليل)

  

  {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ١ وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ٢} غشيان الليل هو تغطيته للشمس أخذاً من قوله تعالى: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا ٣ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا ٤} أخذ من قوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ}⁣[الأعراف: ٥٤] أو أنه يغشي كل شيء يغطيه بظلمته، وتجلى النهار ظهور شمسه وضياؤها بزوال ظلمة الليل، {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ٣}⁣[الليل] أي وخلق الذكر والأنثى، وأقسم بهذه الألفاظ لما فيها من النعمة على الخلق، أما الليل والنهار فتفسير النعمة بهما يطول الشرح، وذلك ظاهر فلولا تعاقبهما ما صلح العالم بكل ما فيه، ولذا قال تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}⁣[القصص: ٧٣] وأما خلق الذكر والأنثى، فإن في ذلك القدرة الإلهية التي يعجز كل متكلم عن شرح ذلك، وعن شرح القدرة الإلهية في خلق الذكر والأنثى، وما فيهما من قوام الحياة بالتناسل وغيره، وكل ذلك بفضل قدرته ورحمته ونعمته ومنته {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ٤} هذا جواب القسم، والشتى جمع شتيت، أي: أن سعيكم أشتات مختلفة في الخير والشر وغيره، ثم فصل السعي بقوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ٥ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ٧} أي: من أعطى حقوق ماله، وغير ذلك من الصدقات والعطاية في سبيل الخير {وَاتَّقَى ٥} قام بأوامر الله تعالى، ولم يعصه {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ٦}، هي الإيمان بالله وبالإسلام وأمر بذلك، وعمل، وقيل: صدق بالجنة، لأنه إذا صدق بها عمل ما يفوز بها