الدواء النافع من سم اللسان الناقع،

يحيى بن أحمد الأسدي (المتوفى: 1106 هـ)

البحث الثاني في ذكر بعض ما ورد في ذم الغيبة

صفحة 44 - الجزء 1

  عهدنا أن الغيبة قد كثرت وامتلأت الأنوف منها، فلم تتبين الرائحة كرجل دخل داراً لدباغين، فلم يقدر على القرار فيها لشدة الرائحة، وأهل تلك الدار يأكلون ويشربون، ولا تتبين لهم الرائحة؛ لامتلاء أنوفهم منها، كذلك أمر الغيبة في عصرنا.

  وكان ابن مسعود إذا مر⁣(⁣١) بمجلس من المجالس، يقول: توضئوا، فإن بعض ما أنتم فيه شر⁣(⁣٢) من الحدث⁣(⁣٣).

  وعن الحسن البصري: ذم الرجل في السر مدح له⁣(⁣٤) في العلانية⁣(⁣٥).

  وقيل لبعض العرب من السيد فيكم؟ قال: الذي إذا أقبل هبناه،


(١) في (أ): أمر.

(٢) في (أ): شيء.

(٣) الاعتبار وسلوة العارفين ص ٥١٩.

(٤) هامش في (ب) لفظه: قيل للحسن البصري: إن فلاناً اغتابك، فبعث إليه طبقاً من الرطب، وقال: بلغني أنك أهديت لي من حسناتك، فأردت أن أكافئك عليها فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام، انتهى، وروي عن ابن سيرين أنه قيل له: إن رجلاً اغتابك فتحله، قال: ما كنت لأحل شيئاً حرمه الله. وقال ابن المسيب: لا أحلل من ظلمني. تمت سلوك.

قلت: ويحمل قولهما على من علم منه عدم الاعتذار، وإلا فهما ممن لا يجهل قوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، وقوله ÷: «من لم يقبل العذر من محق أو مبطل لم يرد علي الحوض»، والله أعلم. تمت.

(٥) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٩/ ٤٨.