الابتلاء بالفقر
  ومن هنا وضحت الحقيقة في فضل الشكر، وكما نبه على ذلك أمير المؤمنين # حين قال: (الحمد أفضل ما خزن وأرجح ما وزن) وكما قيل: «الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر» لأن الشاكر ينظر بعين البصيرة فيرى نعم الله عليه كبيرة، منها: نعمة الستر كما تقدم، ومنها: نعمة العافية، ومنها: نعمة الدين التي هي سبب في كل خير، ونجاة من كل شر، فالفقر عند الشاكر من أهون البلايا فلا تراه يلقي لذلك بالاً، قد وثق بالله غاية الوثوق حين تأمل عناية الله بالمولود في بطن أمه، وما أعد الله له بعد خروجه من بطنها، ونظر في أرزاق الحيوانِ في البر والحوتِ في البحر فركن إلى قول الله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢ وَيَرۡزُقۡهُ مِنۡ حَيۡثُ لَا يَحۡتَسِبُۚ}[الطلاق]، فلجأ بعد ذلك إلى الأسباب:
  منها: التقوى كما في هذه الآية.
  ومنها: صلة الرحم فهي من أقوى الأسباب، وقد ورد أنها منسأة في الأجل مثراة في المال.
  ومنها: الاستغفار وقد نص الله على ذلك في سورة نوح #.
  ومنها: ذكر الله في مصلاه إلى أن تطلع الشمس.
  ومنها: الصدقات على الضعفاء، ورد [عن الوصي #]: (إذا أملقتم فتاجروا الله بالصدقة) فكلما أتاه الشيطان لعنه الله متوعداً بالفقر لجأ إلى حصن الله المنيع وهو قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا ٢} وقال: يريد الملعون أن أشك في وعد الله بالرزق والله