الابتلاء بالفقر
  أصدق الصادقين وبيده خزائن السماوات والأرض؛ لأن الشك في وعد الله سبب في تلقي الدروس من الشيطان لعنه الله، ألا ترى إلى قول الله تعالى: {ٱلشَّيۡطَٰنُ يَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡرَ وَيَأۡمُرُكُم بِٱلۡفَحۡشَآءِۖ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغۡفِرَةٗ مِّنۡهُ وَفَضۡلٗاۗ}[البقرة: ٢٦٨].
  فدلنا سبحانه وتعالى هنا على أقوى الأسباب للرزق، وهو الاستغفار بدليل: {يَعِدُكُم مَّغۡفِرَةٗ مِّنۡهُ وَفَضۡلٗاۗ} والمغفرة لا تحصل إلا بعد الاستغفار، والفضل هو الزيادة.
  ولما كانت الحاجة إلى النجاة من النار أعظم من الحاجة إلى الرزق قدم سبب الاستغفار وهي المغفرة، ثم جاء بما به يحصل خير الدنيا والآخرة وهو العلم، قال تعالى: {يُؤۡتِي ٱلۡحِكۡمَةَ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِيَ خَيۡرٗا كَثِيرٗاۗ}[البقرة: ٢٦٩].
  انظر الوثوق أين بلغ بصاحبه، هذه مريم البتول الطاهرة حكى الله في شأنها قرآناً: {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيۡهَا زَكَرِيَّا ٱلۡمِحۡرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزۡقٗاۖ قَالَ يَٰمَرۡيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَاۖ قَالَتۡ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٍ ٣٧}[آل عمران]، فيجب علينا الوثوق بالله فهو الدين القويم.
  وينبغي أن يجعل له الإنسان سبباً من الأسباب، وكان فضيلة العلامة الداعي إلى الله على بصيرة الحسين بن يحيى يحث على أسباب الرزق، ومن أقوى الأسباب كذلك الدعاء، وقد نبهنا الله على ذلك في كتابه بقوله تعالى: {وَٱرۡزُقۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ