فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

في وصف الدنيا

صفحة 117 - الجزء 1

  آمنًا في سربه، وعنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا» أو كما قال صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين.

  ثم قال #: (ما خير بخير ووراءه النار) وأي خير لمن عاقبته نار وقودها الناس والحجارة، خالدين فيها أبداً، {كُلَّمَا نَضِجَتۡ جُلُودُهُم بَدَّلۡنَٰهُمۡ جُلُودًا غَيۡرَهَا}⁣[النساء: ٥٦]، بين مقطعات النيران شراب يشوي الوجوه ويقطع الأمعاء، وحميم يسلخ الجلود ويصهر البطون، ومقامع من حديد، يسحبون في السلاسل على وجوههم بلا رحمة ولا شفقة، فالملائكة بعذاب أهل النار يسعدون، وبصياحهم وصراخهم يتلذذون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

  فكفى بهذا الكلام من سيد الخطباء مسلياً عن الدنيا ولذاتها لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

  ثم: (ولا شر بشر ووراءه الجنة) ورد «أنه يؤتى بأشد المؤمنين ضررًا فيقال: اغمسوه في الجنة فيغمس فيقال: هل رأيت ضراً أو مسك ضر قط؟ فيقول: لا». غمسة واحدة أنسته كل ما لاقى من الهموم في هذه الدنيا الفانية. وقال سلام الله عليه: (وكل بلاء دون النار عافية، وكل نعيم دون الجنة حقير).

  نسأل الله العظيم عفوه ورحمته ومغفرته وهدايته وتسديده إنه على ما يشاء قدير. وعلينا أن نمعن النظر فيما وعضنا الله به، وما وعضنا به رسوله صلوات الله عليه وآله، ونكثر من التفكر في أحوال الموتى وفيما تركوا من البيوت الخربة والأموال الدامرة،