باب وجيز في التوحيد
  عافيتها وفي حال مرضها، وعالم بمقدار أكلها وكم عدد أيامها، يزرع الزارع الحب والله عالم بكل حبة تصل إلى النملة أين محلها ومتى تصل إليها وكم يكون من هذه الحبة نصيبها، ألهمها الله بأشياء لم يطلع عليها الإنسان فإذا وقع أكل في مكان وليس في ذلك المكان نمل موجود ما تلبث إلا يسيراً وقد تواجد النمل لأخذ رزقه من بقية وجبة الإنسان، خلق الله فيها سمًّا للدفاع عن أنفسها سلاح مركب فيها وضر على غيرها تسرح في طلب معاشها وتروح لترتاح من متاعبها، تستنجد بأمثالها إذا رأت حملاً ثقيلاً تُعرِّف مجتمعها بالأمور المخيفة وهم يصدقونها، فسبحان من خلق فسوى وقدر فهدى وأحاط بكل شيء قدرة وعلماً!
  ثم قال سلام الله عليه ورضوانه: (والعدل ألا تتهمه) نعم، أفعال الله وأقواله وأوامره ونواهيه وعطاؤه وأخذه منطوية على الحكمة البالغة فهو يخلق ويرزق ويعطي ويمنع على مقتضى الحكمة جلت قدرته. فالواجب علينا الإيمان بذلك إيماناً لا يخالطه ريب ولا شك [فكم ردد سبحانه في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ما هذه الكلمة الدالة على ما ذكرت وهو أحكم الحاكمين]، فحكمته منوطة بجميع ذلك سواء عرفنا وجه الحكمة، أو جهلناها لا يسعنا إلا الإيمان بالحكمة فمن توهم خلاف ذلك ولو في أقل قليل من ذلك فهو مخلول في دينه شاك في عقيدته متباعد عما عليه ملائكة الله وأنبياؤه