من عجائب القرآن
  ثم ذكر الله الإنس وهذا شيء معهود بأن يكون الجند من البشر؛ ولذلك وسَّطه بين الجن والطير، ثم جاء بالطير بعد ذلك وهذا أعجب مما سبق؛ لأن الجن جنس واحد والإنس كذلك، والطير أجناس كثيرة مختلفات وكلّ له قادة، ولكل جنس من الطير فوائد وتدريبات خاصة كما للبشر كذلك.
  نعم، هذا الملك لم يحصل عليه نبي الله سليمان # إلا بعد تعب في طاعة الله وجهد جهيد، وقد أشار الله إلى ذلك في كتابه الكريم قال تعالى: {فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧}[الليل]، وقوله: {وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ يُسۡرٗا ٤}[الطلاق].
  ثم ذكر الله القصة العجيبة بعد ذلك وهي قصة النمل وذكر تفنن القيادية من النمل في التعبير وأن ذلك بلسان المقال بدليل «قالت» وأن للنمل علمًا مسبقًا بوجود نبي اسمه سليمان، وأنه لا يقبل من الجند إلا من يتقيد بنظام دقيق، وأن الأنبياء وأتباعهم لا يظلمون أحداً من خلق الله. {قَالَتۡ نَمۡلَةٞ} محذرة عن أمر عظيم وخطب جسيم محذرة عن موت جماعي وطامة لم يسبق لها مثيل، وسلام الله على يحيى بن الحسين الهادي إلى الحق عندما استدل على أن الحياة نعمة بليغة بدليل أن كل حيوان يكره الموت.
  {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ} فمساكنكم أقرب شيء للنجاة فقد داهمكم الجيش السليماني؛ يدل على ذلك سماعه