فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

من عجائب القرآن

صفحة 135 - الجزء 1

  بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ ٢١}⁣[النمل]، قوله تعالى: {وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيۡرَ} جاءت جملة فعلية؛ لتدل على التجدد والحدوث وأنه كان يتفقد جنده بنفسه ولا يركن إلى غيره فذلك أحزم للأمر، وكأن الهدهد هذا من كبار الشخصيات في جيشه وإلا لما بان فقده، ويدل على ذلك علمه بتوحيد الله ومعرفته بعظمة الله حين استنكر على الملكة وقومها قائلاً: {أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ ٢٥ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ۩ ٢٦}⁣[النمل].

  ولما فقده نبي الله سليمان # اغتاض لذلك وتكلم بكلام فيه غاية التهديد؛ ليقطع بذلك أطماع الجنود من الجن والإنس والطير فلا أحد يحدث نفسه بالتلعب والتساهل في ما به أَمَر لا سيما مع القسم المحذوف في أول التهديد، قيل: إن بعض الطير أخبرت الهدهد قبل وصوله إلى نبي الله بالتهديد فقال الهدهد: ألم يستثن نبي الله؟ قالوا: بلى. وذلك قوله تعالى: {أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ ٢١}، فقال: إذاً كفيت. قيل: إنه حين وصل إلى حضرة نبي الله ألصق جناحيه وذيله بالأرض وتقدم إلى نبي الله ووقف بين يديه ثم خاطبه قائلاً: يا نبي الله، اذكر وقوفك بين يدي الله، فلما سمع النبي هذه المقالة ارتعدت فرائصه، وعند ذلك قص عليه ما رأى، فسبحان من أحاط بكل شيء علماً! العالم بخفيات الأسرار من يعلم السر وأخفى.