نصيحة موجهة للمرشدين
  وإذا نظرت في الجادين في طلب العلم فلا يكاد يوجد بينهم ولدُ تاجرٍ إلا نادرًا، فاحمد الله على ذلك وجدّد عزيمتك، واعلم أن الفرج من الله جلت قدرته أقرب من بياض العين إلى سوادها، وكِلْ أمرك إليه فقد غذَّاك بنعمه وأنت في بطن أمك، وخلق لك فيها رزقًا بعد أن خرجت من بطنها، فما منعك المال إلا رحمة منه كي لا تقع في مستنقع البطر والأشر، وتماما كما قال الله تعالى: {۞وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرُۢ بَصِيرٞ ٢٧} {... إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ ٦ أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ ٧}.
  فلا تحقر نعمة الله الخفية عليك فتعرض بذلك إلى غضبه الشديد، في الحديث القدسي: «من لم يرض بقضائي، ويصبر على بلائي، ويشكر على نعمائي فليتخذ ربًّا سواي».
  وإن كان الذي غلب على مشاعرك وحطمك وصغّر طلب العلم في قلبك حاجتك الملحة إلى زوجة أو بيت أو سيارة أو غير ذلك - فاعلم أن الأمر بيد الله كما سبق، غير أن الله وعد عباده المتقين برزقين: رزق من حيث يحتسب المؤمن، ورزق من حيث لا يحتسب، فشغلك بالتفاكير خسارة، وجمع همتك في طاعة الله تجارة، فإبراهيم الخليل صلوات الله عليه وعلى آله لم يرزق بولد إلا بعد اليأس والكِبَر ونبي الله زكريا كذلك، وفي ساعة واحدة تفرجت عن نبي الله موسى الشدائد بعد تعبه وطلبه لمولاه كسرة