فوائد وفرائد،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

باب وجيز في التوحيد

صفحة 9 - الجزء 1

  كان الله سبحانه وتعالى موجودًا ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا أشجار ولا أثمار ولا بر ولا بحر ولا نور ولا ظلام، هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم، لا أول لوجوده، بخلاف المخلوقات فقد سبق وجودَها العدمُ أوجدها لا من شيء، بخلاف إيجادنا لبعض المصنوعات فنحن نوجدها من أشياء موجودة البيوتُ مثلاً نوجدها ونبنيها من الطين والإسمنت والحجارة، والله هو الذي أوجد لنا الطين والماء والحجارة والبطحى وأحجار الإسمنت فشغلنا في البيوت والمصنوعات التي صنعها الإنسان هو التركيب والتجميع لأشياء موجودة أوجدها خالقها وخالقنا من العدم.

  ألا ترى إلى صنع الله في الحيوان والنبات التي رأيناها بأعيننا ونظرنا في وجودها بعد العدم بعقولنا فمن أين وجد اللحم والدم والعصب والعظام وجميع الجوارح في كل حيوان حتى النطفة التي خلق الله كل حيوان منها هي كذلك مخلوقة وكذلك الصوف والشعر والبشر أوجده ربنا من العدم، وما في بطون الحيوان من اللبن ومشتقاته أوجده الله من العدم بعد أن لم يكن، وكذلك النبات وجدت بعد العدم، وأوجد الله الأثمار كذلك من العدم فلا يحتاج في تصنيعها إلى مواد مثلما يحتاج الإنسان في صناعته إلى المواد التي يصنع منها الأشياء، فالإنسان يصنع الأشياء بجوارحه وفكره وقدرة محدودة، والله سبحانه يصنع الأشياء بغير جوارح ولا فكرة؛ لأنها من صفات المخلوقين والله منزه عنها، وهذا معنى قول أمير المؤمنين #: (باينهم بصفته رباً كما باينوه بحدوثهم خلقاً).