الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(تعيين الأشياء النجسة)

صفحة 126 - الجزء 1

  أين كان وهيب يقدر على مجالسة علي؟ إنما كان يجالسه وجوه الناس، وقال الترمذي: صدوق، ووثقه يعقوب بن شيبة، وقال أحمد والعجلي: كان يتشيع، وقال يزيد بن زريع: كان رافضياً توفي سنة إحدى وثلاثين ومائة، احتج به مسلم والأربعة، عداده في ثقات محدثي الشيعة وأحد أعلامهم وأوعية العلم، لما مات الحسن قال له أهل البصرة: اجلس مكانه. اهـ المراد.

  وفي أول البحث قال الشوكاني: «واعلم أنه معلوم بالضرورة الدينية نجاسة البول والغائط». اهـ كلامه.

  أقول: نحن لا نسلم علم الضرورة في هذا، وإنما هو علم استدلالي لا ضروري.

  ولو قلت: ما هو الدليل على نجاستهما؟ قيل للسائل: دليلهما كذا، ولم ينكر عليه، وهو يقول: هو معلوم بالضرورة!

  ثم قال: «منهم من قال بالطهارة مطلقاً» اهـ.

  أقول: يعني طهارة كل خارج من غير سبيل الآدمي. وهذا لا أصل له⁣(⁣١) فكتب القوم موجودة بين أيدي الناس وكل يحكي رأيه وخلافَ مُخالِفِه، وما استدل به الطرفان.

  ثم قال الشوكاني: «ومنهم من حكم بنجاسة الخارج من غير المأكول لا منه، ومعظم ما استدل به القائلون بالتعميم في النجاسة لا ينطبق على غير الخارج من الآدمي». اهـ.

  أقول: يعني (لا ينطبق على ما خرج من سبيلي الكلب والخنزير) فهذا في الحقيقة كلام في غاية السقوط، ومنتهى الهبوط، لأنه خارج عن الإجماع، ومجرد عما يستلزم الإقناع، فكأنه لم يقرأ في كتاب الله: {أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ}⁣[الأنعام: ١٤٥] ولم يبلغه الغسل بالماء والتراب من ريق الكلب، وهو خارج من فمه الذي هو أشرف شيء فيه.


(١) ولا قائل به. تمت شيخنا.