لا حيض بعد الستين سنة
  أكثر، فما هو المانع من العمل به؟! قال صاحب «البحر» #: الهادي والمؤيد بالله وأبو طالب: وحدّه ستون سنة؛ إذ لم يُقدّره أحدٌ بأكثر ولا حاضت بعده امرأة.
  زيد ومحمد والناصر: بل خمسون لغلبة انقطاعه بعدها.
  أبو حنيفة والفقيه يوسف: خمس وخمسون، لذلك.
  قلنا: الستون إجماع، وأحوط، ولا دليل على الأقل.
  الشافعي: لا تقدير إلا بعادة النساء؛ إذ لا دليل شرعي.
  قلنا: لا عادة مستقرة سوى ما ذكرناه. اهـ المراد. ج ١ ص ١٣٤.
  وفي «المغني» لابن قدامة الحنبلي ج ١ ص ٤٨٨: وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصوم ولا الصلاة وتقضي الصوم احتياطاً، فإن رأته بعد الستين فقد زال الإشكال وتيقن أنه ليس بحيض فتصوم وتصلي ولا تقضي. اهـ المراد.
  هؤلاء العلماء الأعلام وإن اختلفوا في التقدير فهم متفقون على مخالفة الشوكاني؛ إذ رجعوا جميعاً - إلا الإمام الشافعي - إلى سنّ معين، ومعهم إجماع العترة المطهرة.
  فلا تسمع للزامل.
  على أنه قد نقض مخالفته للإجماع وحكم بأن «الرجوع(١) إلى الغالب عند الالتباس، قوي الأساس، في كثير من قواعد الشريعة»!
  نعم أقول: ومنه سن الإياس فالقاعدة المطردة (لا حيض بعد الستين) فافهم.
  قوله: «راجع إلى قوة البنية وصحة الطبيعة وإلى ضعفها وركتها». اهـ كلامه.
  أقول: كان عليه أن يقول: (وركاكتها) لا أن يقول: (وركتها)؛ لأنه يقال: رك يرك ركاكة: ضعف.
(١) فيما سيأتي عند قوله: (ترجيح عادة القرائب على الأجنبيات وجهه ظاهر) ثم قال في آخره: (بأن ذلك هو الغالب والرجوع إلى الغالب عند الالتباس قوي الأساس في كثير من قواعد الشريعة)!