الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

مجيء (إلا) بمعنى الواو

صفحة 215 - الجزء 1

  أقول: أنشدك الله - أيها المطلع - هل رأيت خصماً يركّب دعوى لا وجود لها، كما يَهْوى، ولم يقل بها الخصم، ثم يجعلها ذريعة للحملة عليه، وهو بريء مما أسند إليه.

  قال الشوكاني: «أما الترجيح الذي أشار إليه». ا هـ.

  أقول: الإمام # لم يتكلم عن ترجيح ولا تعارض، وإنما قال: (العمل بأخبارنا أولى؛ لأنها أكثر وأصح والعمل بها قد استقر).

  وهذا أمر لا يدعو إلى نقد، ومعلوم عند كل ذي فطنة في حديث أو غيره أن قبول السليم من القادح والجارح أولى، والعمل به أبرأ للذمة وأخلى للعهدة؛ لأن أحاديث «إلا بمكة» ضعيفة وشاذة ومردودة، ولا يمكن معارضة ولاترجيح بينها وبين أحاديث النهي عن الصلاة في أوقات الكراهة؛ إذ الترجيح فرع التساوي في الصحة والسلامة من القادح، وعمل العلماء كافة في هذه القضية مع هذه الأحاديث هو ما سلكه الإمام وسائر أهل البيت المطهرين.

  فالشوكاني أدخل لفظ: «الترجيح» على الإمام، وليس في كلامه، ثم جعلها سلّماً لملامه، وغرضاً لسهامه، ومنفذاً للتجهيل وغمط جانب الإمام وأسلافه الأطهار، الأتقياء الأخيار، بغير حق، وهذا معروف عنه.

  وإليك ما قال أهل الشأن في حديث: «إلا بمكة».

  أولاً: من «نصب الراية» ج ١ ص ٢٥٤ مع اختصار السند ولفظه:

  عن قيس بن سعد بن مجاهد قال: قدم أبو ذر وأخذ بعضادتي باب الكعبة، ثم قال: سمعتُ رسول الله ÷ يقول: «لا يصلي أحدكم بعد الصبح إلى طلوع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا بمكة» يقول ذلك ثلاثاً. ا هـ. وهو حديث ضعيف، قال أحمد: أحاديث ابن المؤمل مناكير.

  وقال ابن معين: هو ضعيف الحديث.