الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

(كراهة الصلاة)

صفحة 225 - الجزء 1

  حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن يزيد بن الأسود ¥ قال: شهدتُ مع النبي ÷ صلاة الصبح في مسجد الخَيْف، فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في آخر القوم لم يصليا معه، فقال: «عليَّ بهما»، فجيء بهما ترعد فرائصهما قال: «ما منعكما أن تصليا معنا»؟ قالا: يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا قال: «فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجدَ جماعةٍ فصليا معهم فإنها لكما نافلة».

  قال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

  وفي رواية البيهقي والدارقطني: «وليجعل التي صلاها في بيته نافلة».

  وقالا: «إنها رواية ضعيفة شاذة مردودة؛ لمخالفتها الثقات». اهـ المراد. من «نصب الراية».

  فتقرر وثبت أن الشوكاني متمسك بأهداب مبتورة.

  أما إقحامه تحية المسجد وذلك الخوض الذي خاضه، فليس هناك عمومات في الطرفين، ولا عموم وجهي، إنما هناك: عام وخاص، فالعام إرشاده لأمته في الإكثار من تلاوة القرآن والذكر، بالقرآن في الصلاة، وأنه أفضل الذكر، وهو ينادي بالعموم في كل وقت، وهذا لا غبار عليه، ثم يأتي بعد ذلك فينهي عن الصلاة في وقتين معينين موصوفين بطلوعها وغروبها بين قرني شيطان.

  والعمل هنا ظاهر: يؤخذ بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما عداه.

  ولا شك في تأخر النهي؛ لأنه من غير المعقول أن يقول لهم: (لا تُصَلّوا في أَوْقَاتِ الكَرَاهَةِ) ولمّا يأمرهم ويندبهم إلى الصلاة في عموم الوقت، فالنهي دليل سبق الأمر العام.

  كما أنه لا يُحرّم عليهم الربا ابتداء والمبايعة به إلا وقد سبق لهم حل البيع.

  ولا يحرّم نكاح المشركة⁣(⁣١) إلا وقد قال: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء}⁣[النساء: ٣] ولو فرضنا تأخر العام فرضاً لكان الخاص المعين يجب الأخذ به فيما تناوله ولو تقدم.


(١) العموم يأتي أولاً ثم الخصوص. تمت شيخنا.