الجني الداني في مناقشة الشوكاني،

أحمد بن لطف الديلمي (معاصر)

من آيات الله ø في الموالاة

صفحة 24 - الجزء 1

  وهي تحث على إخلاص التوجه إلى الله وتمام الانقطاع إليه في كل عمل أو نية أو سخط أو رضا أو منع أو إعطاء ترجمة لقوله تعالى: {إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين}⁣[الأنعام: ١٦٢].

  ولقوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين}⁣[الفاتحة: ٥].

  ولقوله تعالى: {أَلاَ للَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}⁣[الزُّمَر: ٣].

  فكما أن شيئاً من العمل الصالح إذا شابه شرك يُرد لصاحبه ويكون وبالاً عليه فهو مع هذا انسلاخ عن ولاية الله وتولٍّ للشيطان.

  وإذا أمعنت النظر فيما رقمتُ لك من آيات الولاية تبين لك أن الحق تبارك وتعالى جعل صِدْق تولي العبد لربه كصدق الإيمان به، وإن صدق الولاية له، وإخلاص الإيمان: كالعسل وحلاوته لا يمكن تعقل أحدهما دون الآخر فضلاً عن الفصل بينهما.

  في كثير من الآيات جعل استحقاق العبد للضلال مسبباً عن تولي أعدائه فالتولي متقدم تقدُّم العلة على المعلول.

  وفي بعضها يجعل التولي لأعداء الله سبب الوقوع في الضلال كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون}⁣[الأنعام: ١٢٩]. فالظلم سابق على التولي.

  فنرى أنه قد التقى الإشراك بالله وتولّي غير الله في وجوب السخط عليهم واستحقاقهم إضلال الله لهم.

  ثم اعلم أن كلّ معصية كبيرة متعمّدة هي انسلاخ عن ولاية الله؛ لأنها خروج عن طاعته، ودخول في طاعة إبليس وولايتِه، إلا أنه انسلاخ جزئي يستدرك بالتوبة، أو الحد والتوبة.

  لكن متولي أعداء الله أو متولي أوليائهم الظاهر أنهم يندرجون في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ}⁣[آل عمران: ٩٠].