من شروط وجوب صلاة الجمعة
  ثم إن من شأن الداعية أن يرغب المؤمنين فيما رغب الله فيه ورسوله ÷، ويحذرهم من الرغبة عما رغب الله فيه، ويرغب في المبادرة إليها والتبكير إليها والإنصات والدنو من الإمام وكثرة الذكر.
  وما نقلته فيها لا يقاس بعشر ما جاء فيها عن المصطفى ÷، وقلم الشوكاني يُغري الشطار بتركها، ويهوّن من خطرها، ويسوّيها بما لا يساويها، وأنها وأيَّ صلاة سواء، جاهلاً أو متجاهلاً ما حُفّت به وما يُمْنَحُه مَن قام بحقها، وهل من صلاة جاء فيها ما جاء في الجمعة؟! وما روى الأثبات عن رسول الله ÷ من الترغيب فيها والترهيب من تركها، هل هناك فريضة غيرها لا تصح إلا جماعة؟! وهل من صلاة شرط لها خطبتان؟! وهل غيرها سُنّ لها قبل أدائها ما سُنّ للجمعة؟! هل من فريضة تحضرها الملائكة وتقعد فيها لسماع الذكر؟! هل من صلاة مكفرة لذنوب الأسبوع سواها؟! ومع هذا فهل يعقل ألا يشترط لها عدد معلوم لحضورها؟! فإلى مَنْ توجه النداء {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة: ٩] مع وجود خطيب ومنادٍ للواحد الذي عينه الشوكاني؟!
  وإليك ما في «تلخيص الحبير» للحافظ ابن حجر ج ٢ ص ٥٥ ولفظه:
  تنبيه: قول الرافعي والأصحاب: إن الشافعي دخل بغداد وهي تقام فيها جمعتان مردود بأن الجامع الآخر لم يكن حينئذٍ داخل سورها، فقد قال الأثرم لأحمد: أَجُمِعَ جمعتان في مصر؟ قال: لا أعلم أحداً فعله، وقال ابن المنذر: لم يختلف الناس أن الجمعة لم تكن تصلى على عهد رسول الله ÷ والخلفاء إلا في مسجد النبي ÷، وفي تعطيل الناس مساجدهم يوم الجمعة واجتماعهم في مسجد واحد أَبْينُ البيان أن الجمعة خلاف سائر الصلوات وأنها لا تصلى إلا في مكان واحد.
  وذكر الخطيب في «تاريخ بغداد» أن أول جمعة أحدثت في الإسلام في بلد مع قيام الجمعة القديمة في أيام المعتضد في دار الخلافة من غير بناء مسجد لإقامة الجمعة، وسبب ذلك خشية الخلفاء على أنفسهم في المسجد العام، وذلك سنة ثمانين ومائتين، ثم بني أيام المكتفي مسجد فجمَّعُوا فيه، وذكر ابن عساكر في «مقدمة تاريخ دمشق» أن عمر كتب إلى